حول العملية العسكرية في اللاذقية، بقلم مواطنة أمريكية تعيش في اللاذقية

ترجمة الصديق علي محمد..

هذه المقالة هي ترجمة لما كتبته السيدة فاليري (اسم وهمي)، وهي سيدة أمريكية تعيش في اللاذقية، ويجمعني بها صديق مشترك.رابط المقال باللغة الإنجليزية:

http://www.joshualandis.com/blog/?p=11611
---------------------------------

حول العملية العسكرية في اللاذقية بين 12-15 أغسطس/آب 2011

أنا امرأة أمريكية أعيش في اللاذقية. كنت في مدينة الأسد الرياضية في اللاذقية عندما تم إيواء سكان من حي الرمل الجنوبي ومخيم الرمل الفلسطيني للاجئين فيها.
يوم الخميس، 11 آب/أغسطس، اتصل بي زوجي الموجود في تركيا لأمور تتعلق بالعمل، وقال لي أن علي أن أحاول البقاء في المنزل أو قريبة منه خلال عطلة آخر الأسبوع. أخبرني أن الحكومة (السورية) أعلنت عزمها القيام بعملية عسكرية في الرمل الجنوبي، وهو حي فقير يشمل أيضاً مخيماً للاجئين الفلسطينيين. كما أخبرني أن الحكومة تنصح السكان في هذا الحي بمغادرة منازلهم، وأن أي شخص يبقى في منزله فهو يخاطر بأن يعلق في منطقة تبادل النار المتوقع حدوثه. كما أن من يبقى في منزله يعرض نفسه لخطر الإعتقال بسبب الاشتباه بأنه يساعد مقاتلي المعارضة. يقع حي الرمل في أطراف اللاذقية، في الجهة الأخرى من المدينة بالمقارنة مع الحي الذي أعيش فيه. كان زوجي قلقاً من احتمال أن يمتد القتال إلى خارج حي الرمل إلى أحياء أخرى قريبة من مركز المدينة.

الزوارق الحربية

تطل شقتي على مدينة الأسد الرياضية، وأستطيع رؤية المدينة من الشرفة ومن على السطح. بقيت في المنزل مع أطفالي يوم الجمعة، وتسمرت أمام التلفاز بانتظار بعض الأخبار عن ما يحدث في الرمل وفي مناطق أخرى من المدينة. لم يقطع عني الماء ولا الكهرباء ولا الإنترنت أبداً.  عندما بدأت أسمع عن استخدام الجيش للسفن الحربية في قصف مناطق من حي الرمل في التقارير الإخبارية، اتصلت بصديقي الذي يعيش في شقة قرب الكورنيش الجنوبي، وهو أمريكي أيضاً، وقال لي أنه يستطيع رؤية الزوارق تتجول في المياه مقابل الرمل، ولكنه لم يسمع أو ير أي إطلاق نار منها. لقد كان هذا الصديق في المنزل طوال اليوم مثلي، وكان قد لاحظ الزوارق منذ استيقاظه، واستمر في مراقبتها طوال اليوم. أخبرني أنه كان على علم بقرب حدوث عملية عسكرية، ولذلك كان ينتظر ليراقب ما سيحدث، وأنه لهذا السبب لاحظ الزوارق الحربية مباشرة. عندما اتصلت به لاحقاً، قال لي أنه ظل يراقب هذه الزوارق طوال يومي الجمعة والسبت، ولم ير أو يسمع أي إطلاق نار منها.

مجمع المدينة الرياضية

صباح السبت وصل السائق الذي يعمل لدي في تمام الساعة 8.45، وذهب معي للجري. أمارس رياضة الجري 6 مرات أسبوعياً، حيث أجري حول محيط المدينة الرياضية. وبينما كنت أجري، لاحظت 4 أو 5 سيارات مليئة بالناس تدخل المجمع. لاحظت أيضاً وجود بعض الأطفال يلعبون قرب البوابة بألعاب الحدائق. عادة ما يكون المجمع شبه خال في مثل هذا الوقت من الصباح إلا إن كان هنالك نشاط ما فيه. عندما سألت، أجابني السائق أن هؤلاء هم سكان من الرمل الجنوبي،  وأن العديد منهم كانوا يقيمون في الإستاد. كان الحرس يطلب من ركاب السيارات هوياتهم الشخصية ويسجلها،  وهو إجراء روتيني للداخلين إلى المجمع. حوالي الساعة 10.30 بعد الانتهاء من الجري، أرسلت السائق ليحضر لي بعض الأغرض من مركز المدينة. ولكنه عاد إلي ليخبرني أن هنالك إطلاق نار كثيف في المدينة، وأن من غير الآمن الذهاب إلى هناك. وقال أنه لم يكن هنالك أية مظاهرات تحدث في ذلك الوقت. كانت تلك أيضاً هي المرة الأولى التي يسمع فيها إطلاق نار في مركز المدينة في مثل هذه الساعة المبكرة من النهار. خلال اليوم، شاهدت 3 أو 4 حافلات تحضر سكاناً إلى المدينة الرياضية، كذلك شاهدت عدة شاحنات مليئة بالمواد الغذائية تدخل المدينة. كانت عائلة جود (عائلة كبيرة في اللاذقية) قد تبرعت بحمولة شاحنة من المواد الغذائية للمقيمين في المدينة الرياضية لوجبة إفطار رمضان كل يوم.
يوم الأحد، شاهدت أيضاً حافلتين أو ثلاث حافلات تنقل سكاناً إلى المدينة الرياضية، كنت قد سمعت تقارير إخبارية عن وجود حوالي 5000 شخص في المدينة، لكن بدا لي هذا مبالغة كبيرة. من مكان جلوسي، أستيطع أن أقدر وجود حوالي 500 فقط. قال لي السائق لاحقاً أنه بعد إعلان الدولة عن عزمها القيام بعملية عسكرية في الرمل، وأيضاً بسبب العنف الحاصل في ذلك الحي، غادر الكثيرون المدينة إلى القرى ليقيموا مع أقاربهم. هكذا غادر كل القادرين على المغادرة هرباً من إطلاق النار. كانت اللاذقية بأسرها شبه فارغة. لقد غادر أغلب القادرين على المغادرة هرباً من إطلاق النار اليومي، والتجؤوا إلى أقاربهم في القرى.

قتل أربعة جنود و 50 من غير العسكريين

يوم الاثنين، أعلنت الحكومة انتهاء العملية العسكرية في اللاذقية. شاهدت عدة حافلات (ربما 5 أو 6، ولكن حتماً لم تكن لتتسع لـ 5000 شخص) تحمل السكان من المدينة الرياضية عائدة بهم إلى الرمل. قال التلفزيون الرسمي أن 4 جنود قد قتلوا وجرح 35 آخرون في إطلاق النار. قتل أيضاً حوالي 50 آخرين، وجرح الكثيرون. من الصعب تحديد ما إذا كان هؤلاء القتلى والجرحي من غير العسكريين هم من مقاتلي المعارضة أو مجرد مدنيين تواجدوا في مكان إطلاق النار. لم يكن أي ممن تحدثت إليهم مقتنعاً أنه كانت هنالك مظاهرات في الرمل الفلسطيني في عطلة آخر الأسبوع تلك.
كان هنالك إشاعات كثيرة في اللاذقية، وبعضها وصلني من مصادر موثوقة، أن سبب العملية العسكرية في الرمل الجنوبي والفلسطيني هو أن مقاتلي المعارضة سيطروا على المنطقة. حتى أن البعض قال أن المعارضة تمكنت من نصب حواجز تفتيش خاصة بها وأغلقت العديد من الطرقات في ذلك الحي. ولكوني أعيش في اللاذقية، ولأنني رأيت كل ما رأيت خلال الأشهر الـ 5 الماضية، بدا لي أن هذه الإشاعات أكثر قابلية للتصديق من التقارير الإعلامية التي أراها يومياً في الأخبار حول المظاهرات السلمية وقتل المتظاهرين السلميين بأعداد كبيرة.
لست مقتنعة أن كل حوداث القتل في سورية كان ضحيتها متظاهرون سلميون بريئون. ولست مقتنعة أيضاً أن الحكومة مسؤولة عن كل هذه الضحايا. تقودني الأحداث التي شهدتها في اللاذقية لأن أقتنع أن المعارضة تحمل السلاح في وجه القوات الحكومية (لقد شاهدت بنفسي فتاة فلسطينية تعتقل بعد اكتشاف أسلحة في منزلها، وقد قتل قريب لأحد أصدقائي عندما كان يمشي في حي لم يشهد أية مظاهرات أبداً. أحد أصدقائي من غير السوريين أيضاً شاهد بنفسه رجلاً ينصب بندقية قناصة على سطح منزل مقابل للمبنى الذي يعمل فيه، وشاهد الأمن يلقي القبض عليه بعد أن قام أحدهم بالإبلاغ عنه. هنالك حوادث كثيرة مشابهة أيضاً). إذا كانت المعارضة هنا في اللاذقية تحمل السلاح ضد القوات الحكومية، فإن مجرد وجود هذا العدد الكبير من القتلى يقودني للاقتناع أن مجموعات المعارضة في قرى ومدن مثل حمص وجسر الشغور لم تكن تنتهج المعارضة السلمية أيضاً، على عكس ما يريد لنا الإعلام الغربي أن نقتنع.

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.